وقال ايضآ :
{ لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون , وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه , لاحترق
المسجد ومن فيه }
وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه من حديث طويل قال فيه :
{ أتي النبي صلي الله عليه وسلم علي وهد , فسمع صوتآ منكرآ , فقال : يا جبريل ما هذا الصوت ؟ قال : هذا صوت جهنم تقول : يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني , فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وغسليني , وقد بعد قعري واشتد حري , ائتني بما وعدتني , قال : لك كل مشرك ومشركة , وخبيث وخبيثة , وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب }
واعلموا يا عباد الله أن الله خلق الخلق ليعرفوه، وأوجدهم ليعبدوه ويخشوه ويخافوه .
ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه، يخافوه خوف إجلال وخوف تعظيم
ووصف لهم شدة عذابه ، ووصف لهم دار عقابه التي أعدها لمن عصاه
ليتقوه بصالح الأعمال فقال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
ولقد كرر الله سبحانه وتعالي في كتابه ذكر النار .. وما أعده فيها للأشرار من العذاب والنكال ..
وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال إلي غير ذلك مما فيها من العظائم والأهوال
لذلك ليكون ليس لهم علي الله حُجة يوم الحساب . فهو يذكرهم .. ولكنهم لا يتذكرون ولا يتعظون .. نسوا الله فأنساهم أنفسهم .
وللنار شدة في حرها وزمهريرها , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
{ اشتكت النار إلي ربها قالت : يا رب أكل بعضي بعضا فنفسي , فأذن لها في نفسين , نفس في الشتاء ونفس في الصيف , فأشد ما تجدون من الحر من سمومها , وأشدما تجدون من البرد من زمهريرها }
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ايضآ :
{ ناركم هذه التي توقدون جزءٌ واحد من سبعين جزاءآ من نار جهنم , قال الصحابة رضي الله عنهم : والله
وإن كانت لكافية , قال : إنها فـُضلت عليها بتسعة وتسعوون جزء كلهن مثل حرها }
ثم فيها يا عباد الله .. يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ
والحميم هو ماءٌ أوقد عليه حتي اشتدت حرارته وصار له غليان :
( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا ) فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )
فيا عباد الله : أنها النار فاتقوها , واتقوا حرها الشديد , واحذروا إن تكونوا من أهلها ,
ولقد بين الله لكم صافتهم .. وصفات أهل الجنة جملة وتفصيلآ , لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل .
قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لكعب الأحبار يا كعب أوصنا فقال :
يا أمير المؤمنين إن لجهنم يوم القيامة زفرة لا يبقى من ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى إبراهيم الخليل إلا و يجثو على ركبتيه ويقول : رب نفسي لا أسألك إلا نفسي .
ولا تقولوا هذه النار في حق الكافر , أما نحن فمسلمون , لا وربي ..
فهذا هو الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم يوقظنا من غفلتنا ويقول :
" إن من امة محمد من يعظم في النار حتي يكون احد زواياها "
.. يالله من امة محمد من يكون ركن من أركان النار! .. فيا لكبر جسمه وقتها وعظم بدنه! ..
ولكنها ذنوبه ومعاصيه وما كان فيه هم من اوصلوه والي جهنم قذفوه وفيها جعلوه ليكون ركنآ من أركان الجحيم ..
اللهم سلم يارب
هذه هي النار وما فيها .. فكيف أنت عندما يُطلب منك أن تجتاز الصراط وهي من تحته تستعر وتزدجر ..
وأنت إليها ذاهب ليس بظلم الله لك .. فالله سبحانه وتعالي ليس بظلام للعبيد ..
ولكن أنت ذاهب بأعمالك وعصيانك وتجبرك وتكبرك ..
وكيف وأنت تشاهد من يسير كالبرق ومن يسير كالريح ومن يسير كالفرس ..
سارت بهم أعمالهم في ذلك اليوم العظيم وقد وصلوا إلى أبواب الجنة وأنت تشاهدها وهي مزدحمة بالمؤمنين ..
وكيف حالك وأنت تسمع أحد الملائكة يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت .
يلا حسرتك في هذا اليوم .. والله ما بعدها ولا قبلها حسرة .
فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واحذروا الأعمال الخبيثة
واحذروا المعاصي والسيئات ؛ فإنها حطب جهنم ، جهنم التي حذركم الله منها في كتابه الكريم
وحذركم منها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل يقول:
( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى )
إنها دار البوار، ودار البؤس ، والشقاء والعذاب الشديد..
دار من تعدى الحدود وارتكب المحرمات ، دارٌ لا يسكنها إلا الأشرار من خلق الله
الذين عصوا رسله ولم يمتثلوا أمره ونهيه ، إنها النار يا عباد الله
اما تشفقون منها , وما فيها من العذاب والانكال , آما تحذرون سلاسلها والأغلال ,
واعجبا لمن يطأ سمعه ذكر السعير , وهو من عذابها غير مستجير , فيا من تتعدون الحدود !
يا من تعصون الملك العلام ! أفيكم جلد علي النار ؟ نار وقودها الناس والحجارة ,
أم قد رضيتم لأنفسكم بالخسارة , فيا ويل من كانت له النار دار
فيا عباد الله ..
أما آن أوان الاستفاقة ؟!
ما قد حان زمان الانطلاقة؟!
إلي مركب الإيمان للرحمن .. .. أو ما تخشون أن ينسى سباقه ؟!
فهل تعلنون للكون انبثاقه ؟! وانعتاقه ؟!
فعذاب الله -- يا عباد الله -- ليس في وسعكم احتماله ولا لكم عليه طاقة !!
( وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )
اخواتي الحبيبات .. أردت بهذه الكلمات المقتبس بعضها والبعض الاخر مني ..أن اذكر نفسي وإياكم ..
وأسال الله لي ولكم أن نكون من أصحاب النعيم ونعوذ بوجهه الكريم أن نكون من أصحاب الجحيم
وأسأل الله أن يجيرنا من النار ومن حر النار.. وباب التوبة مفتوح لمن أراد ..
وسبحان التواب الرحيم إذ يقول :
( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم )
وهذا إقرار من رب العزة سبحانه وتعالي إلي كل من تاب توبة نصوحة ان يكفر عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم وهو يقول :
( يا أيها الذين امنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا عسي ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار)
وتذكروا دائما أن نقول لأنفسنا : إذا خلوت الدهر يوما بريبة .. والنفس داعية إلي العصيان ..
فاستحي من نظر الإله وقولها إن الذي خلق السماء يراني
ولتكن آخر دعوانا : "اللهم حرم وجوهنا علي النار واجعلنا من زمرتك المتقين"
هذه نار الدنيا .. وهي جزء واحد من سبعين جزء من نار الاخرة