ويل .. كل الويل .. لمن كانت له النار دار
رب طاعة تـُستصغر .. تكون عقباها مقاعد الصدق عند المليك المقتدر في جنات ونهر .
ورب معصية تـُحتقر .. يكون عقابها نار سقر فلا تبقي ولا تذر
يروي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه خطب ذات يوم فقال :
( أنذرتكم النار , أنذرتكم النار , أنذرتكم النار )
وقال ايضآ صلوات الله عليه وسلامه :
{لا تنسوا العظيمتين، لا تنسوا العظيمتين، لا تنسوا العظيمتين الجنة والنار، ثم بكى صلى الله عليه وسلم حتى جرى وابل دموعه جانبي لحيته ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده، لو تعلمون ما أعلم من أمر الآخرة، لمشيتم إلى الصعيد ولحثَّيتم على رءوسكم التراب }.
إنها النار وحرها، وشدة غيظها وزفيرها ..
وشدة حبها للعصاة أن يقذفوا فيها ، أعدها الله لمن عصاه وخالف أمره ..
يُساقون إليها بعنف وغلظة ..مأخوذين بالنواصي والأقدام ..ذاهبين إلي دار الآلام
..محشورين إلي مأوى أهل الآثام .. مقيدون بالسلاسل والأغلال
.. لابسين ثياب القطران .. وقد غضب عليهم الملك العلام ..
لا خروج منها ولا هروب .. ولا إدبار ولا فرار ..
يبكون فيها الدمع حتي ينفذ .. ثم يبكون الدماء ..
ثم يبكون القيح حتي ينفذ حتي لو إن سفن أرسلت تجري فيما خرج من أعينهم لجرت ..
مغلولة أيدهم إلي أعناقهم ..مجموعة أعناقهم إلي أقدامهم .. والزبانية وقوف علي رءوسهم ..
يضربون بمقامع من حديد .. إذا ضُرب احدهم بالمقمعة ضربة ً سمع صوتها الثقلان ..
والنار من فوقهم ومن تحتهم .. أوقد عليها ألف عام حتي احمرت ..وألف عام حتي ابيضت ..
وألف عام حتي اسودت ..
فهي سوداء مُظلمة مُدلهمة مُزجت بغضب الله .. نار أبوابها حديد فرشها الشوك ..
غشاوتها الظلمة .. أرضها نحاس ورصاص وزجاج .. مُلئت بشتى أنواع العذاب ،
وجعل ربكِ لها سبعة سبعة أبواب ..
باب جهنم " , ولظي " , وسقر" , والحطمة " , والجحيم " , والسعير " , وباب الهاوية " ..
وجميع تلك الأبواب مُغلقه علي أهلها , مُطبقة عليهم , يذوقون اليم العذاب وشدته
فلا يذقون فيها بردآ ولا شرابآ إلا حميمآ وغساقا .
واسمعوا قول الله سبحانه وتعالي :
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ )
وعلي كل باب سبعون ألف جبل , وفي كل جبل سبعون ألف شعب من النار ,
وفي كل شُعب سبعون ألف شق من النار , وفي كل شق سبعون ألف واد ,
وفي كل واد سبعون ألف قصر من نار , وفي كل قصر سبعون ألف بيت من نار ,
وفي كل بيت سبعون ألف قـُلة من سم ,فإذا كان يوم القيامة كُشف عنها الغطاء فيطير منها سرادق عن يمين الناس ,
وأخر عن شمالهم , وسرادق أمامهم , وأخر ورائهم , وسرادق فوقهم وأخر من تحتهم ,
فإذا نظر الثقلان إلي ذلك جثوا علي ركبهم وقالوا رب سلم رب سلم .
نار وقودها الناس والحجارة .. وهذه هي الجلود التي أكلت الحرام ..
وغـُذيت بالحرام , ونمت علي الحرام تصير وقودآ للنار ..
وليس هذا الجسم الضعيف المتهالك هو الذي ستدخل به النار أيها العاصي ,
بلا وإنما الجسم يكبر ويكبر وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" ضرس الكافر مثل أُحد , وغـُلظ جلده مسيرة ثلاث أيام للراكب المسرع "
واشد من هذا العذاب انه لا يقتصر علي العذاب الجسدي فقط , بل هناك عذابٌ روحي ..
وهو عندما يريهم ربهم مقاعدهم في الجنة وما أعده سبحانه وتعالي لهم لو كانوا من عباده المخلصين ..
يالله علي شدة حزنهم وشدة ندمهم .. في اليوم لا ينفع فيه الندم .
وجهنم لا تكتفي ابدآ .. فتوهموا شدة صوتها , ورعب شهيقها , وهي تطلب الزيادة ,
فلا تكتفي بحال حتي يضع رب العزة فيها قدمه , وتقول قَط قط وعزتك وكرمك ,
فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلي بعض ..
وان فيها لوادٍ .. فيه ألوان العذاب .. لو سيرت فيه الجبال لماعت من حره ..
انه " الويل " وقد جعله الله لمن تهاون في الصلاة ..
انظروا أخواتي واد الويل بكل ما فيه من عذاب جُعل لمن تهاون في الصلاة ..
فما بال من لم يركعها ولم يسجدها .. فلهم " سقر "
إنهم ياويحهم .. صراخهم من يسمعه ؟!
عذابهم من يمنعه ؟
بكاءهم .. عويلهم .. من يرحمه ؟! من ينفعه ؟
فُيسألون : ما الخبر !! مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ..
فيجب أهل تلك المعمعة .. والخاتمة المخيفة والنهاية المفجعة :
إنها الفريضة المُضيعة ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ )
فقطعنا كل صلة لنا بمن هو أقرب إلينا من حبل الوتين .
وهذا هو اشد أهل النار عذابا .. الذي لم يعمل بعلمه فعن أسامة بن زيد قال :
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قول :
" يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه , فيطيف به أهل النار فيقولون :
أي فلان الست كنت تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ؟ فيقول : كنت آمر بالمعروف ولا افعله , وانهي عن المنكر وافعله "
وعن انس ابن مالك قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ك " أتيت ليلة أ ُسري بي علي قوم تقرض شفاهم بمقاريض من نار كلما قـُُرضت ردُت , قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به "
فيا عباد الله فروا من النار .. واتقوا الله وأطيعوه .. واحذروا أسباب سخطه واجتنبوا معاصيه.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
{ لجنة أقرب إلي أحدكم من شراك نعله , والنار مثل ذلك }