المربي المخلص هو المربي الناجح:
عزيزي المربي.. إن أول سمة من سمات المربي الناجح هي الإخلاص لله تعالى؛ ذلك لأن الإخلاص كما تعلم عزيزي المربي هو شرط أساسي لقبول العمل..
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}.
وقال أيضًا: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم: 'إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى'.
وقال صلى الله عليه وسلم: 'إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه'.
ولذلك فمهما توفرت عناصر القوة في شخصية المربي وخبرته التربوية فهو ضعيف عاجز عن الوصول بطفله إلى مستوى التربية الذي يريد, أتدري لماذا عزيزي المربي؟! لأنه لم يكن مخلصًا لله تعالى فأحبط الله عمله ولم يكن له أي جدوى.. نعم إنه الإخلاص عزيزي المربي.
الإخلاص يتجسد في إبراهيم عليه السلام:
نعم.. لقد كان إبراهيم عليه السلام مخلصًا لله تعالى وهو يربي أولاده.. وأكبر دليل على إخلاصه أنه رفع أكف الضراعة لله تعالى قبل أي شيء فقال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
نوح عليه السلام كان مخلصًا لله تعالى:
فحاول بشتى السبل أن يستنقذ ابنه من عذاب الله فقال له: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ}, ولكنه أبى وعصى فكان من المهلكين, فرفع نوح عليه السلام أكف الضراعة مرة أخرى لله تعالى وقال: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}, فلما أخبره ربه تعالى أنه ليس من أهله وأنه عمل غير صالح استجاب وذل وخضع لله تعالى أنه كان مخلصًا لله تعالى وقال: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ}.
لقمان عليه السلام خير مثال للإخلاص:
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.. {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}.. {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}.. {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} .. {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}.
هكذا كانوا فصلح أبناؤهم:
وهذا هو سر قوة الإخلاص لله تعالى؛ إذ بها تذلل الصعاب وتستقيم الأخلاق وتسمو الطباع..
ونحن لا نعني بالطبع أن يقول الإنسان: أهم شيء الإخلاص.. ثم يجلس فلا يحرك ساكنًا ولا يتعلم فنون التربية وفقه تربية الأولاد, فالحقيقة أنهم لو أخلصوا لتحركوا للعمل بكل قوة... فالاثنان معًا بالتوازي, ولا يصلح أحدهما دون الآخر 'النية.. والعمل', وإننا قد أردنا منك عزيزي المربي في هذه الحلقة أن تحرر نيتك مرة أخرى وأنت تربي طفلك؛ فهذه هي أول درجة في سلم النجاح التربوي..
الآن عزيزي المربي تستطيع أن تجيب على السؤال: لماذا أربي طفلي؟! فتقول:
· لأن الله تعالى أمرني بذلك؛ فأنا أربيه طاعةً لله وقربةً وابتغاء مرضات الله تعالى وطمعًا في دخول الجنة؛ ولأني يوم القيامة سأسأل أمام الله تعالى عن هذا الولد, فأنا أربيه كي أعد للسؤال إجابة.
اللهما ارزقنا الاخلاص فى تربية ابناءنا وفى كل امور ديننا